أرباح الأسهم العالمية تريليونات وجيل الشباب يقتحم أسواق المال

أفصح بنك أوف أمريكا يوم أمس عن تحقيق أسواق الأسهم العالمية لمكاسب رأسمالية هائلة بلغت 17.5 تريليون دولار منذ بداية العام الحالي، ممثلة طفرة استثنائية في عالم الاستثمار.
وأبرز البنك التفوق الملحوظ للأسهم الأمريكية مقارنة ببقية دول العالم، حيث استحوذت الأسواق الأمريكية على حصة الأسد من هذه المكاسب، مسجلة نحو 14.1 تريليون دولار من الإجمالي، مما يعكس قوة ومتانة الاقتصاد الأمريكي.
ووفقاً لبيانات البنك، شهدت صناديق الأسهم تدفقات مالية ضخمة هي الأكبر منذ أسابيع، بينما شهدت صناديق البنية التحتية إقبالاً غير مسبوق، بفضل انعقاد قمة الأمم المتحدة للمناخ، كما جذبت أسهم الأسواق الناشئة سيولة كبيرة هي الأكبر منذ آذار (مارس) 2021، مما يشير إلى تنوع اهتمامات المستثمرين.
وأفاد البنك بأنه خلال الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء، ضخ المستثمرون ما يقارب 26.1 مليار دولار في الأسهم، بالإضافة إلى 14.7 مليار دولار نقداً، وقاموا بتحويل 8 مليارات دولار إلى السندات، في حين سحبوا 500 مليون دولار من الذهب، مما يعكس تعديلات استراتيجية في محافظهم الاستثمارية.
وأشار محللو بنك أوف أمريكا إلى أن هذا العام يعتبر الأفضل أداءً للسلع الأولية منذ عام 1973، بينما كان الأسوأ للدين الحكومي منذ عام 1949، مما يوضح التباين الكبير في أداء الأصول المختلفة.
وفي سياق متصل بعالم الاستثمار والاقتصاد العالمي، تتوجه تطبيقات حديثة صوب فئة الشباب والشابات المهتمين بعالم المال، والذين باتوا يمثلون الجيل الجديد من المستثمرين الذين يعتمدون على منصات مثل "يوتيوب" للحصول على النصائح الاستثمارية، مع الإشارة إلى أن دخول الأسواق المالية لا يزال يحمل في طياته مخاطر جمة، حتى مع الانتقال المتزايد إلى العالم الافتراضي.
وقد أحدث التطبيق الأمريكي "روبن هود"، الذي تم إطلاقه في عام 2013، ضجة واسعة في الدول الغربية، حيث سعى إلى جذب الأفراد العاديين إلى عالم الاستثمار الشخصي، ومنذ ذلك الحين، ظهرت بدائل محلية متعددة من نيجيريا إلى الهند، تهدف إلى استقطاب الفئة العمرية بين 20 و30 عاماً.
ويعبر اشان سريفاستافا، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 20 عاماً في نيودلهي، عن شغفه بالأسواق المالية قائلاً: "لم أعد أهتم كثيراً بالجامعة، بصراحة، كل اهتمامي الآن منصب على الأسواق، ثم الأسواق، ثم الأسواق."
وقد بدأ اشان سريفاستافا نشاط التداول في نهاية كانون الأول (ديسمبر)، ويقوم بالاستثمار عبر العديد من التطبيقات الهندية مثل "زيرودا" و"اوبستوكس"، ويسعى إلى تنويع محتوى محفظته الاستثمارية بهدف التقاعد في سن الخامسة والأربعين.
وقد ساهم الانتشار الواسع للحسابات المصرفية الإلكترونية في الهند في تعزيز الثورة في عالم الاستثمارات، حيث أصبح من السهل فتح هذه الحسابات عبر الإنترنت وإيداع الأوراق المالية أو الأسهم أو السندات فيها بسهولة ويسر.
وتشهد دول أخرى مثل نيجيريا إقبالاً متزايداً على تطبيقات التداول في البورصة بين صفوف الشباب، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالاستثمار في هذه الفئة العمرية.
وفيما يتعلق بتراجع جاذبية المصارف، تعاني لاجوس، العاصمة الاقتصادية لنيجيريا، من التضخم المتسارع لعملة نايرا الوطنية، مما يدفع الشباب نحو بدائل استثمارية أخرى.
ونتيجة لذلك، يتوافد الشباب والشابات في نيجيريا على تطبيقي "تروف" و"ريسفست" المحليين، واللذين يتيحان الوصول إلى الأسواق الأمريكية التي يُنظر إليها على أنها وسيلة لحماية المدخرات في ظل الوضع الاقتصادي المحلي المتأزم.
ويقول داهنسي اويديلي، البالغ من العمر 23 عاماً: "يمكنني إيداع أموالي في المصرف، إلا أن هذا الاحتمال يصبح أقل جاذبية تدريجياً."
ويضيف: "أستثمر أحياناً في "ريسفست" وأحقق عائداً بدءاً من الأسبوع الأول. تخيلوا، ربح 1 في المائة أو 2 في المائة على مائة ألف نايرا (208 يورو) أسبوعياً، ليس بالكثير، لكنه مهم جداً."
وقد تمكن داهنسي اويديلي من تسديد إيجار منزله لعدة أشهر حتى بعد فقدانه وظيفته بسبب الجائحة، من خلال تداول العملات المشفرة، على غرار العديد من الأشخاص الذين دفعتهم البطالة الجماعية والإغلاق العام ومدخراتهم المحدودة إلى عالم الاستثمارات في العملات المشفرة.
وفي الولايات المتحدة وحدها، دخل أكثر من عشرة ملايين مستثمر جديد إلى الأسواق المالية في النصف الأول من عام 2021، وفقاً لتقديرات "جي إم بي" للأوراق المالية.
وقد انجذب بعض هؤلاء المستثمرين إلى الضجة التي أثيرت في كانون الثاني (يناير) حول سلسلة متاجر ألعاب الفيديو "جايم ستوب"، والتي ارتفع سعرها بشكل جنوني عندما تكاتف أفراد من مجتمعات الإنترنت ضد صناديق التحوط.
ويتواصل انخفاض متوسط عمر المستثمرين، حيث يبلغ متوسط عمر الأمريكيين على تطبيق "روبن هود" 31 عاماً، ويؤكد تطبيق "اوبستوكس" أن 30 في المائة من مستخدميه تبلغ أعمارهم 35 عاماً أو أقل، وهو ما ينطبق على 83 في المائة من مستخدمي التطبيق النيجيري "بامبو".
وتتيح هذه التطبيقات إمكانية شراء أجزاء من الأسهم، مما يسمح بدفع جزء صغير فقط من سعر سهم "أمازون" بدلاً من شراء السهم كاملاً الذي يتجاوز سعره 2500 يورو.
وعلى الرغم من أن هذه التطبيقات تتيح التداول في الأسواق المالية لشريحة واسعة من المجتمع، وغالباً ما تعد بعدم فرض عمولة، إلا أنها تعرض المستثمرين الجدد وعديمي الخبرة لخطر الانزلاق، بحسب تحذيرات بعض الخبراء الماليين.
وتقوم لجنة الأوراق المالية في الولايات المتحدة بالتحقيق فيما إذا كانت هذه التطبيقات تشجع على التداول بشكل غير مسؤول من خلال الإيحاء بأن الاستثمار مجرد لعبة مسلية.
وقد حذرت هيئة السلوك المالي البريطانية في آذار (مارس) من أن الشباب، بمن فيهم العديد من النساء والأقليات في المملكة المتحدة، هم الأكثر عرضة للخسائر في هذا المجال.
ووفقاً لدراسة أجرتها الهيئة، يرى حوالي ثلثي المستطلعين أن مستوى معيشتهم سيتأثر "بشكل حاسم" في حال تكبدوا خسائر فادحة.
وتشير الهيئة إلى أن "هؤلاء المستثمرين الجدد يعتمدون بشكل كبير على الإعلام الجديد، مثل يوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، للعثور على النصائح والأخبار المتعلقة بالاستثمار." وقد تكبد بعض الشباب خسائر كبيرة نتيجة لهذه الاستثمارات المتهورة.
وفي مومباي، توقف المصمم علي أتاروالا، البالغ من العمر 30 عاماً، عن هذا النشاط بعد تجربة مريرة هذا العام مع العملات المشفرة.
ويقول: "إن هذه التطبيقات تسهل عملية شراء أصول مضاربة مثل العملات المشفرة، ولكنها تظل متقلبة للغاية."، محذراً من المخاطر الكامنة في هذا النوع من الاستثمار.
وعلى الرغم من الأرباح والخسائر التي حققها اشان سريفاستافا، إلا أنه لا يزال متفائلاً، ويقول: "لقد خسرت 50 في المائة من رأسمالي عندما بدأت بالاستثمار، ولكنني لا أعتبر ذلك خسارة، بل أراها تكلفة تدريبي على التداول في الأسواق.".